قال عبد الله بن عبيد بن عمير : سأل أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أكثر أصحابه سؤالا له :
ألا تخبرني بعمل أدخل به الجنة ؟
قال : " تعبد الله ولا تشرك به شيئا " .
قال : إن لهذه أتباعا ؟
قال : " تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة "
قال : ليس له مال يتصدق به !
قال : " تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر "
قال : هو أضعف من ذلك !
قال : " تريد أن لا تجعل فيه خيرا .. اجتنب شر الناس "
فوائد الحديث
1-
فيه فضل أبي ذر و أنه كان أكثر الصحابة سؤالا للنبي صلى الله عليه وسلم ،
ودائما ما كان يسأل عن الخير ليلزمه و يعمل به ، بخلاف حذيفة بن اليمان رضي
الله عنه ، فقد كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الشر و الفتن مخافة
أن يدركه ذلك ، و في كل خير .
2- فيه فضل التوحيد وهو عبادة الله وحده لا شريك له و البراءة من الشرك وأهله .
والعبادة : هي طاعة الله بامتثال ما أمره على ألسنة رسله ، أو هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة و الباطنة ، قاله شيخ الإسلام بن تيمية ، وقال القرطبي : أصل العبادة التذلل و الخصوع ، وسميت وظائف الشرع على الملكفين عبادات ، لأنهم يلتزمونها و يفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى .
وقال العماد ابن كثير : وعبادته هي طاعته بفعل المأمور و ترك المحظور وذلك حقيقة دين الإسلام ، لأن معنى الإسلام : الإستسلام لله تعالى ، المتضمن غاية الإنقياد و الذل و الخضوع .
والشرك : هو وضع العبادة في غير موضعها ، وذلك باتخاذ الأنداد مع الله ، تبارك وتعالى و هو الظلم التام كما قال الله تعالى : " إن الشرك لظلم عظيم " سورة لقمان ، وهو الذنب الذي لا يغفره الله عز وجل ، كما قال الله تعالى : " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " سورةالنساء .
ولذلك كان الأمن يوم القيامة لمن لم يتلبس بنوع من أنواع الشرك وذلك مصداقا لقوله تعالى : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " أي بشرك " أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " سورة الأنعام .
3- وفي هذا الحديث أيضا فضل الصلاة و الزكاة و أنهما أفضل الأعمال بعد توحيد
الله عز وجل ، فقد علق الله سبحانه الأخوة في الدين على فعلهما بعد
الشهادتين فقال سبحانه : " فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة
فإخوانكم في الدين " سورة التوبة .
وترك الصلاة و الزكاة من أكبر الأسباب التي تقذف بالعبد في جهنم ، فحينما يسأل أصحاب النار يوم القيامة : " ما سلككم في سقر " ؟!
ما الذي أوردكم هذا المورد ؟
ما الذي جاء بكم إلى النار ؟
ما الذي جعلكم من أهل البوار ؟
" ما سلككم في سقر " ؟
"
قالوا لم نك من المصلين " ترك الصلاة ، " ولم نك نطعم المسكين " ترك
الزكاة ، فترك الصلاة و الزكاة من أكبر أسباب هلاك العبد يوم القيامة .
4-
وفي الوصية أيضا فضل الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، وهو من أسباب
خيرية هذه الأمة كما قال تعالى : " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون
بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله " سورة آل عمران .
فمن خصائص هذه الأمة أنها أمرت بكل معروف ، ونهت عن كل منكر ولم يكن ذلك لأحد من الأمم السابقة 5-
وفي الوصية أيضا إشارة إلى اجتناب شر الناس ، هو من العبادة التي أمر الله
العبد بفعلها ، واجتناب شر الناس يكون بالبعد عن أماكن اللهو و اللعب و
الريبة ، ويكون أيضا باجتناب ما أحدثه الناس من شرور كالبعد عن سماع الغناء
و الألحان المطربة ، و البعد كذلك عن مشاهدة كل ما يثير الشهوات الكامنة و
يشجع على التبرج و الإختلاط ورفع الكلفة بين الرجل و المرأة .
واجتناب
شر الناس كذلك يكون بالبعد عما أحدثه الناس من بدع وضلالات ، كبدع القبور و
التعلق بالأولياء ، وبدع المساجد و بدع الشهور و المناسبات ، وبدع
الجماعات و بدع الاذكار و الدعوات و بدع الأفراح و المآتم و غيرها .اللهم إنا نسألك الإستقامة على أمرك و المداومة على طاعتك
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق