تسعى لنشر العلم في الوطن العربي والعالم تختص بتحميل الكتب (بوك) فى تخصصات الاسلامية ، القران الكريم، الحاسوب، برامج، ... مجانية بروابط سهلة والمعلومات والرسائل الالكترونية

اخر الاخبار

جاري تحميل آخر الأخبار...

2025-11-15

التقديم إلى الجامعات حسب رغبة الطالب: حقٌّ أصيل ومسار يحترم مستقبل المتعلم

 


يمثّل اختيار التخصص الجامعي واحدة من أهم القرارات المصيرية في حياة الطالب، فهي الخطوة التي ترسم ملامح مستقبله المهني والاجتماعي، وتحدد نوعية المهارات التي سيكتسبها، وتؤثر بشكل مباشر على رضاه النفسي وقدرته على الإبداع. ومع تطور نظم التعليم وارتفاع وعي الطلاب، أصبح التقديم إلى الجامعات حسب رغبة الطالب وحده مطلبًا أساسيًا يجب احترامه، بعيدًا عن أي ضغوط أسرية أو تدخل غير مبرر من ولي الأمر.

في العديد من المجتمعات العربية، لا يزال تدخل الأهل في تحديد مستقبل الطلاب أمرًا شائعًا، إذ يفرض بعض أولياء الأمور تخصصات معينة بحجة “الخبرة بالحياة” أو “ضمان مستقبل آمن”، بينما يرى آخرون أن رأي الطالب غير ناضج بما يكفي. إلا أنّ الواقع التربوي والنفسي اليوم يؤكد أنّ أكبر نجاحات الطلاب ترتبط بالاختيار الحرّ، وأنّ الإكراه يؤدي غالبًا إلى الإحباط، وانخفاض التحصيل، وفقدان الدافع.


أولاً: لماذا يجب أن يختار الطالب تخصصه بنفسه؟

1. المعرفة الذاتية

الطالب هو الشخص الأكثر معرفة بما:

  • يحبه

  • يبدع فيه

  • يراه مناسبًا لشخصيته وقدراته

فالإصرار على إجباره على تخصص لا يناسبه يعطل إمكاناته الحقيقية.

2. التحفيز والدافعية

عندما يدرس الطالب ما يرغب فيه، يكون:

  • أكثر التزامًا

  • أعلى تركيزًا

  • أقدر على تجاوز الصعوبات

بينما يؤدي التخصص المفروض إلى تسرب داخلي وملل مستمر.

3. الاستقلالية وبناء الشخصية

اتخاذ القرار الجامعي هو أول اختبار حقيقي لاستقلالية الطالب، وهو ما ينمّي شخصية قادرة على:

  • تحمل المسؤولية

  • مواجهة التحديات

  • التخطيط للمستقبل

التدخل المفرط من الأسرة قد يعيق نضج هذا الجانب المهم.

4. ضمان مستقبل مهني ناجح

التجارب العالمية أثبتت أن الشغف هو العامل الأهم في النجاح الوظيفي، وليس فقط اسم التخصص.
فكم من طبيب لا يحب الطب؟ وكم من مهندس متميز لأنه أحب الهندسة من البداية؟


ثانيًا: سلبيات تدخل ولي الأمر في التقديم للجامعة

1. الصراع الأسري

يتحول القرار من خطوة تعليمية إلى معركة بين الطرفين، وقد يترك آثارًا نفسية طويلة.

2. الفشل أو تغيير التخصص

يدخل بعض الطلاب تخصصات مفروضة ثم يضطرون إلى:

  • تغييرها بعد سنة أو سنتين

  • أو ترك الجامعة تمامًا

  • أو التخرج وهم غير راضين

وكل ذلك يسبب خسائر مادية وزمنية كبيرة.

3. ضعف الإبداع

الطالب الذي لم يختر طريقه بنفسه لا يبدع فيه غالبًا، لأن الإبداع يرتبط بالحب والاهتمام وليس بالإكراه.

4. فقدان الثقة بالنفس

حين يُحرم الطالب من اتخاذ قراره، يشعر بأنه غير قادر على تحديد مستقبله، مما يؤثر على شخصيته طوال حياته.


ثالثًا: دور الأسرة الصحيح في عملية التقديم

الأسرة ليست غائبة عن القرار، ولكن دورها استشاري وليس إلزاميًا.
ومن أهم الأدوار الإيجابية التي يمكن أن يقدمها ولي الأمر:

1. تقديم المشورة المهنية

شرح سوق العمل، رواتب المهن، المستقبل الوظيفي… دون فرض رأي.

2. توفير الدعم النفسي

تشجيع الطالب على الاختيار المناسب دون تخويف أو ضغط.

3. احترام الاختيارات

حتى إن لم تتوافق رغبات الطالب مع رغبات الأسرة، من المهم احترام رغبته.

4. توجيه الطالب للبحث والتحليل

مثل:

  • زيارة الجامعات

  • التعرف على التخصصات

  • سؤال الخبراء

  • حضور معارض التعليم


رابعًا: كيف يختار الطالب تخصصه الجامعي بحرية ووعي؟

1. تحديد الميول الحقيقية

ما المواد التي أحببتها في المدرسة؟
ما الأنشطة التي تستمتع بها؟

2. تقييم المهارات

مثلاً:

  • مهارات الرياضيات → هندسة / علوم

  • مهارات الكتابة → إعلام / أدب

  • مهارات التواصل → إدارة / علاقات عامة

3. البحث في المستقبل الوظيفي

معرفة:

  • مجالات العمل

  • الرواتب

  • فرص التوظيف

4. استشارة أصحاب الخبرة

كالخريجين، الأساتذة، أو العاملين في المجال.

5. تجريب اختبارات الميول المهنية

وهي متوفرة على مواقع عالمية عديدة.


خامسًا: لماذا يجب أن تحترم الجامعات حق الطالب في الاختيار؟

التعليم الحديث يؤكد على:

  • احترام حرية الطالب

  • تعزيز استقلاليته

  • تمكينه من تقرير مساره المهني

لذلك تقوم بعض الدول بتطبيق سياسات تضمن أن:

  • التقديم يتم مباشرة عبر الطالب

  • البيانات السرية لا يمكن لولي الأمر تعديلها دون إذن

  • الأولوية لرغبات الطالب في الموقع الإلكتروني

هذه السياسات تحمي الطالب من التدخل الذي قد يضر بمستقبله.


خاتمة

إنّ التقديم إلى الجامعات حسب رغبة الطالب دون تدخل ولي الأمر ليس ترفًا، بل هو ضرورة تضمن مستقبلاً أكثر استقرارًا ونجاحًا. وامتلاك الطالب لحرية اختيار تخصصه يصنع فردًا مسؤولًا، واعيًا، مبدعًا، ومحبًا لعمله في المستقبل.
أما الأسرة، فدورها الحقيقي هو الدعم لا الإكراه، التوجيه لا الفرض، والإسناد لا التحكم.

فمستقبل الطالب ملكٌ له، ولا يحق لغيره أن يرسمه نيابةً عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق