تسعى لنشر العلم في الوطن العربي والعالم تختص بتحميل الكتب (بوك) فى تخصصات الاسلامية ، القران الكريم، الحاسوب، برامج، ... مجانية بروابط سهلة والمعلومات والرسائل الالكترونية

اخر الاخبار

جاري تحميل آخر الأخبار...

2025-09-17

مصباح الأمنيات الثلاث

 

في قديم الزمان، في قرية صغيرة تقع بين الجبال والوديان، كان هناك طفل اسمه سليم. كان سليم معروفًا بطيبة قلبه وحبه لمساعدة الآخرين، لكن حياته لم تكن سهلة. فقد كان يعيش مع أمه في بيت صغير من الطين بعد أن توفي والده منذ سنوات. كانت الأم تعمل في الحقل كل يوم، بينما يساعدها سليم بجمع الحطب وإحضار الماء من البئر البعيد.

رغم الفقر والتعب، لم يكن سليم يتوقف عن الحلم. كان يجلس كل ليلة على سطح البيت ينظر إلى النجوم، ويتمتم:
– "ليت عندي أمنية واحدة تتحقق... ربما أستطيع أن أجعل أمي سعيدة، أو أن أغيّر حياتنا."


لقاء غامض

في أحد الأيام، خرج سليم إلى الغابة ليجمع بعض الحطب. وبينما كان يبحث بين الأشجار، لمح شيئًا يلمع تحت كومة من الأوراق الجافة. اقترب ببطء، وأزاح الأوراق، فوجد مصباحًا قديمًا مغطى بالتراب والصدأ.

رفعه بين يديه وقال بدهشة:
– "يا له من مصباح غريب! يشبه ما كانت تحكيه جدتي عن مصابيح الجن!"

وبينما كان يمسحه بكم قميصه ليرى لمعانه، حدث ما لم يتوقعه: خرج دخان كثيف من فوهة المصباح، وبدأ يتجمع في السماء حتى ظهر أمامه جني ضخم ذو لحية طويلة وعمامة براقة.

قال الجني بصوت هادر:
– "أنا جني المصباح! شكراً لأنك حررتني بعد مئات السنين... ولك مكافأة أيها الفتى الطيب: ثلاث أمنيات فقط، اخترها بحكمة!"

ارتجف سليم من المفاجأة، لكنه سرعان ما تمالك نفسه وقال:
– "حقاً؟ ثلاث أمنيات؟"

ابتسم الجني وقال:
– "نعم، لكن تذكر... الأمنيات قد تغيّر حياتك إلى الأبد، فكن حذراً فيما تطلب."


الأمنية الأولى: الطعام بلا نهاية

عاد سليم إلى البيت مسرعًا وهو يحمل المصباح، وأخبر أمه بما حدث. ظنت الأم أن ابنها يتخيل، لكن عندما مسح المصباح وظهر الجني، صرخت بدهشة وجلست على الأرض.

قال سليم:
– "أمي، نحن نعاني الجوع كل يوم... أمنيتي الأولى أن يكون لدينا طعام يكفينا ولا ينتهي!"

أشار الجني بيده، وفجأة امتلأ البيت بأطباق شهية من الخبز الساخن والفواكه واللحم والعسل. ضحكت الأم لأول مرة منذ زمن طويل، وجلست مع ابنها يأكلان حتى شبعا.

انتشر الخبر في القرية، وبدأ الجيران يزورون بيت سليم ليأكلوا معه. كان سليم يوزع الطعام بسعادة، لكنه لاحظ شيئًا غريبًا: بعض الناس صاروا يزورونه لا من أجل صداقته، بل فقط من أجل الطعام.

قالت أمه بحكمة:
– "يا بني، الطعام يسد الجوع، لكنه لا يزرع الوفاء في القلوب."


الأمنية الثانية: القصر الكبير

بعد أيام، شعر سليم أن بيتهم الصغير صار مزدحماً، وأن الناس يسخرون منه أحيانًا لأنه فقير رغم كثرة الطعام. فذهب إلى المصباح وقال للجني:
– "أمنيتي الثانية أن أعيش في قصر كبير مليء بالذهب والكنوز!"

هز الجني رأسه وقال:
– "كما تريد يا سليم..."

وفي لحظة، تحول البيت الطيني إلى قصر مذهل ذو جدران عالية وحدائق مليئة بالورود والنوافير. صار سليم وأمه يعيشان في رفاهية لم يحلما بها من قبل.

لكن القصر جلب معه المشاكل؛ فالناس في القرية صاروا يحسدونه، وبعضهم بدأ يبتعد عنه. أصدقاؤه القدامى لم يعودوا يزورونه إلا نادراً، وبدأ يشعر بالوحدة داخل القصر الكبير.

في إحدى الليالي، جلس سليم يبكي وقال:
– "ظننت أن المال والقصور ستجعلني سعيدًا، لكنني أشعر بالوحدة أكثر من ذي قبل."


الأمنية الثالثة: الأمنية الأصعب

بقيت له أمنية واحدة فقط. جلس مع أمه يسألها:
– "ماذا أطلب يا أمي؟ لقد صار عندنا طعام كثير وقصر جميل، لكن قلبي ليس سعيدًا."

ابتسمت الأم وربتت على كتفه وقالت:
– "السعادة يا بني ليست في الطعام ولا القصور، بل في الحب والرضا ومساعدة الآخرين."

فكر سليم طويلاً، ثم استدعى الجني وقال:
– "أيها الجني، أمنيتي الثالثة... أن أجعل قريتي كلها سعيدة، لا أحد فيها يعاني الفقر أو الجوع."

ابتسم الجني لأول مرة ابتسامة حقيقية، وقال:
– "أحسنت يا سليم... لقد اخترت الأمنية الأصعب والأجمل."

لوّح الجني بيده، وفجأة تحولت القرية كلها: صارت الحقول خضراء مليئة بالثمار، والمياه تجري في القنوات، والبيوت امتلأت بالخير. صار كل أهل القرية سعداء، وبدأوا يعملون معًا ويتشاركون في كل شيء.

أما سليم، فقد صار محبوبًا أكثر من أي وقت مضى، ليس لأنه يملك طعامًا أو قصرًا، بل لأنه ضحى بأمنيته الأخيرة من أجلهم.


النهاية والعبرة

مرت الأيام، وعاش سليم وأمه حياة مليئة بالحب والرضا. لم يعد يحتاج إلى القصر ولا الطعام السحري، لأن القرية كلها صارت كالعائلة الواحدة.

أما المصباح، فقد اختفى بعدما تحققت الأمنيات الثلاث، تاركًا وراءه درسا لا يُنسى:

"السعادة الحقيقية لا تأتي من الأنانية، بل من مشاركة الآخرين الخير والحب."


العبرة للأطفال:

  • ليس كل ما نتمنى يحقق لنا السعادة.

  • أحيانًا، عندما نفكر في الآخرين ونتمنى لهم الخير، نجد سعادتنا الحقيقية.

  • الأمنيات يجب أن تُستخدم بحكمة، لأنها قد تغيّر حياتنا إلى الأفضل أو الأسوأ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق