يُعد المولد النبوي الشريف من أعظم المناسبات في قلوب المسلمين، حيث يوافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كل عام هجري، وهو اليوم الذي وُلد فيه سيد الخلق، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين. ولد في مكة المكرمة، في عام الفيل، وقد أنار الله به الدنيا وهداها من ضلال الشرك إلى نور التوحيد.
جاء النبي محمد برسالة الإسلام، فدعا إلى عبادة الله وحده، ونبذ الظلم، ونشر السلام والرحمة. وكان خلقه عظيمًا، كما وصفه الله تعالى في كتابه الكريم: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" [القلم: 4]. فكان الصادق الأمين، العادل الرحيم، الأب الحنون، والقائد الحكيم.
وفي ذكرى مولده الشريف، يُقيم المسلمون مجالس الذكر، ويُحيون السيرة النبوية، ويستحضرون أخلاقه ومواقفه العظيمة. ومن أروع ما قيل في مدحه قول الإمام البوصيري:
محمدٌ سيدُ الكونينِ والثقَلَينِ
والفريقينِ من عُربٍ ومِن عَجَمِ
هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعتُهُ
لكلِّ هولٍ منَ الأهوالِ مُقتَحِمِ
هذه الأبيات تلخص عظمة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته في قلوب أمته. وإن الاحتفال بمولده ليس فقط مظهرًا من مظاهر الفرح، بل هو مناسبة للتأمل في سيرته، والاقتداء بأخلاقه، وتعزيز الإيمان في القلوب.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه:
"إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" [رواه مالك في الموطأ].
فهو القدوة في الحلم، والصبر، والعفو، والإحسان.
وليس حب النبي شعارات تُرفع، بل اتباع لسنته، وإحياء لقيمه في الحياة. ومن دلائل حبنا له أن نُكثر من الصلاة عليه، فقد قال: "من صلى عليّ واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا" [رواه مسلم].
وفي الختام، فلنجعل من المولد النبوي الشريف محطة روحية نُجدد فيها العهد على طاعة الله، والاقتداء برسولنا الكريم، والعمل على نشر الرحمة والسلام كما علّمنا سيد الخلق.