في قرية صغيرة تحيط بها الحقول الخضراء، كان يعيش طفل صغير يُدعى سليم. كان سليم فضوليًا يحب الاستكشاف والمغامرات، وكان دائمًا يتساءل عن العالم خارج قريته. في أحد الأيام، بينما كان يتمشى قرب النهر، لمح شيئًا غريبًا يلمع بين الأشجار.
اقترب بحذر، فوجد بابًا صغيرًا من الخشب الملون، نُقِشَت عليه كلمات غريبة:
"من يملك القلب الطيب والخيال الواسع، يدخل إلى غابة الألوان."
دفع سليم الباب بخفة، فإذا به ينفتح، وانطلقت منه رائحة زهور غريبة، وصوت عصافير لم يسمع مثله من قبل. خطا سليم خطوة واحدة، فإذا به يرى عالمًا لم يتخيله يومًا.
كانت الأشجار زرقاء، والسماء بنفسجية، والعشب أحمر كالورد. الفراشات تطير وهي تُصدر نغمات موسيقية، والطيور تغني بدلًا من الزقزقة. كانت تلك هي غابة الألوان، التي لا يراها إلا من يملك خيالًا نقيًا مثل الأطفال.
لقاء مع "ليمو"
بينما كان سليم يتأمل هذا الجمال الغريب، سمع صوتًا صغيرًا يناديه:
"مرحبًا أيها الزائر! هل أضعت طريقك؟"
نظر سليم حوله حتى رأى مخلوقًا صغيرًا، طوله لا يتعدى نصف متر، له جسم ناعم مثل القطن، ووجه دائري بعينين واسعتين تلمعان بالفضول. كان اسمه ليمو، وهو أحد سكان غابة الألوان.
قال سليم بدهشة: "من أنت؟ وما هذه الغابة العجيبة؟"
أجابه ليمو: "أنا حارس الألوان. وهذه الغابة كانت موطنًا سعيدًا، حتى جاء الوحش الرمادي وسرق ألوان قوس قزح التي تمدنا بالسعادة."
استغرب سليم وقال: "وما شأن قوس قزح؟ أليس مجرد ألوان في السماء؟"
ضحك ليمو وقال: "في غابتنا، ألوان قوس قزح مصدر الحياة والفرح. عندما سرقها الوحش الرمادي، بدأت الأشجار تذبل، والفراشات تبكي بدلًا من الغناء."
مهمة سليم
نظر ليمو إلى سليم نظرة أمل وقال:
"أنت تملك قلبًا نقيًا وخيالًا حيًّا. فقط طفل مثلك يستطيع استعادة الألوان."
تردد سليم قليلًا، لكنه قرر أن يساعد. فقال بحزم:
"دلني على الطريق، وسأعيد الألوان مهما كان الثمن."
قاد ليمو سليم عبر مسارات مليئة بالأشجار المتكلمة، والأنهار التي تعكس الصور المستقبلية، حتى وصلا إلى كهفٍ مظلم، تنبعث منه رياح باردة وصوت مواء غريب.
مواجهة الوحش الرمادي
داخل الكهف، كان الوحش الرمادي جالسًا على عرش من الصخور، تحيط به فقاعات سوداء. بدا حزينًا أكثر من كونه شريرًا. اقترب سليم وقال له:
"أيها الوحش، لماذا سرقت الألوان؟"
أجاب الوحش بصوت مبحوح:
"لم يزرني أحد منذ مئة عام. كنت وحيدًا، فظننت أن الألوان هي ما يسعدني. لكني لم أشعر بشيء."
اقترب سليم أكثر وقال:
"السعادة لا تأتي من أخذ ما ليس لنا، بل من مشاركة ما نملك. تعال معنا إلى الغابة، وسترى الفرق."
صمت الوحش، ثم انفجر بالبكاء. وفجأة، بدأت فقاعات الحزن تتلاشى، وخرج من قلبه شعاع خفيف من اللون الوردي. أعاد الوحش قوس قزح إلى السماء، ومعه عادت الألوان إلى الغابة.
العودة إلى القرية
شكر سكان الغابة سليم بحرارة، وأهدوه زهرة سحرية تُضيء حين يكون قلبه سعيدًا. ودّع سليم ليمو، وعاد إلى باب الغابة، حيث أغلقه خلفه وعاد إلى قريته.
منذ ذلك اليوم، أصبحت زهرة سليم تضيء كل مساء، لأنه لم ينسَ أبدًا أن السعادة الحقيقية تُزرع في القلوب وتُروى بالمحبة.
العبرة من القصة:
علمتنا مغامرة سليم أن:
-
الخيال قوة عظيمة، يفتح لنا أبواب العجائب.
-
اللطف والمشاركة يصنعان عالمًا أجمل.
-
حتى أكثر القلوب ظلامًا يمكن أن تُنير بالمحبة والصدق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق