علبة الشوكولاته

 



يروي أحد الدكاترة قبل عدة أعوام وفي شارعنا القديم كان لي جار متحدث لبق ، مستمع جيد ، ومحاور هادئ ، وكان إنسانا اجتماعيا ومحبوبا ..

وفي أحد الأيام التقيت به وهو يجهز سيارته ليذهب إلى مكان ما ... 

ومما أثار استغرابي علب شيكولاتات فاخرة أكثر من عشرين علبة بالمقعد الخلفي للسيارة .

- فطرحت عليه السلام وسألته : إلى أين أنت ذاهب يا جار ؟

= فرد علي السلام وابتسم ابتسامة جميلة لم أفهم معناها وقال : ما رأيك هل ترافقني ؟

- قلت : أرافقك ولكن أرجو ألا يكون المكان بعيدا

= قال : إن شاء الله لن نتأخر...

فتوجهنا إلى حي فقير جدا يبعد عن شارعنا مسافة ساعة إلا ربع بالسيارة ثم أوقف السيارة ونزلنا منها وحمل مجموعة من علب الشيكولاتة وتوجه إلى مجموعة من البيوت ، 

دق على الباب الأول ففتح الباب أولاد صغار وعندما رأوه قفزوا فرحا ونادوا أمهم : الرجل صاحب الشيكولاتة جاء .. فأعطاهم علبة الشيكولاتة وتكلم مع الأطفال ثم استأذن  

ودق الباب على البيت الثاني ففتحت امرأة كبيرة بالعمر وعندما رأته دعت له كثيرا .. اللهم افتحها عليك .... الله يطعمك من ثمار الجنة ... والله يا ابني إنك تجبر خاطرنا ..... الله يجبر خاطرك ، فأعطاها علبةالشيكولاته واستأذن .... 

وهكذا مع بقية البيوت ، وكل بيت كان قصة بحد ذاته. 

وفي كل بيت سيمفونية جميلة ورائعة من المشاعر والأحاسيس.

المهم ...... 

انتهينا من توزيع علب الشيكولاتة ورجعنا إلى السيارة وتوجهنا إلى البيت 

- فسألته سؤال المتردد : الله يعطيك العافية يا جار ... شيء جميل ماصنعته ولكن لدي سؤال : لماذا لا تعطيهم مالاً أفضل ويستطيعون شراء حاجاتهم بنفسهم ؟ 

= ضحك جاري ضحكة قوية وكأن سؤالي أعجبه ثم ألتفت إلى الكرسي الخلفي وتناول علبة شيكولاتة وقدمها لي وقال افتحها يا دكتور 

فتحت العلبة وأنا مترقب وكلي شوق لرؤية ما تحتويه العلبة !! 

وجدت فيها بالإضافة للشيكولاته .... مغلف فيه مال فزادت حيرتي .

- وقلت لماذا لا تعطيهم المال مباشرة يا جار ؟ 
لماذا بداخل علبة الشيكولاتة ؟

= فنظر إلي جاري وابتسم كعادته وقال : يا دكتور أنا إنسان أحب الشيكولاتة وآكل منها كل يوم والله عز وجل قال : 
{ لَن تَنالُوا البِرَّ حَتّى تُنفِقوا مِمّا تُحِبّونَ .. }.

يا دكتور الصدقة فن.. 
الفقير يشتهي كما نشتهي.. 
على حسب قدر السلعة يكون مكيالها.. 

أعمال الدنيا مقياسها : 

الحديد.. بالطن 
الفاكهة.. بالكيلو 
الذهب.. بالجرام 
الألماس.. بالقيراط 

أما أعمال الآخرة ......... بالذرة
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} .

{ ألا إن سلعة الله غالية.. ألا إن سلعة الله الجنة }. 
{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }
من أجمل ماقرأت

أترك تعليقا

أحدث أقدم