صناعة الورق


تم اختراع الورق قبل حوالي ألفي سنة في الصين، وكان العالم في ذلك الوقت يستخدم الألواح الحجرية أو الطينية للكتابات والنقوش المختلفة. ولكن صناعة الورق من ألياف الخشب جعلته خفيفاً بالوزن، وبالتالي أسهل للاستخدام وللتخزين وللنقل، ممّا جعل الألواح الحجرية أو الطينية الثقيلة تختفي وتندثر، والورق كذلك أقل تكلفة من الألواح لأنّه يمكن صناعته بطرق مختلفة وبمكونات مختلفة ممّا يجعل أسعاره متفاوتة بين غالٍ ورخيص، وهذا يجعله متاحاً لكل فئات الناس على اختلاف مقدراتهم الشرائية واحتياجاتهم المختلفة، وهو بالتالي يلعب دوراً جوهرياً في انتشار العلم والمعرفة التي لم تستطع الألواح الحجرية والطينية أن تحققه.


مراحل تصنيع الورق
 يصنّع الورق بشكل عام من خلال تفتيت الخشب وضغطه على شكل شريحة رقيقة جداً، وهناك عدة مراحل أساسية يمرّ بها الخشب لصناعة الورق العادي الأبيض اللون، وهي كالتالي: في مصانع الورق عادة ما يصل الخشب المُقطع إليهم على شكل قطع كبيرة، وفي المصانع يتم تفتيت القطع الخشبية وطحنها للحصول على جزيئات صغيرة جداً وتسمى "أليافاً خشبية"، ويتم الطحن إما بطريقة ميكانيكية؛ أي طحنه بواسطة قوة حركية معينة كالتي توفرها آلة خاصة بمسننات وشفرات حادة، أو يمكن طحن الخشب وتفتيته كيميائياً؛ وذلك بخلط مواد كيميائية قوية مع قطع الخشب حتى يذوب ويتفتت بفعل تلك المواد. بعدها يتم غسل طحين أو دقيق الخشب للتأكد من خلوه من الأتربة والملوثات والمواد الكيميائية، وذلك بنقعه بالماء وتحريكه ثم تصفيته من الماء، وتكرار العملية عدة مرات. يمكن البدء بعمل الورق في هذه المرحلة ولكنه سيكون ورقاً بني اللون مثل (ألواح الكرتون البنية) أو الورق الخاص بالتغليف، ولكن للحصول على الورق الأبيض اللون فيضاف كمية من مادة "مبيضة" إليه للتخلص من اللون البني في الخشب ثم غسله، ثم بعدها يضاف مادة مُلوّنة بيضاء اللون وهي التي تجعل الورق أبيض اللون، ويمكن بالطبع إضافة ألوان مختلفة للورق مثل الأصفر بدرجاته المختلفة أو أية ألوان اخرى بعد استعمال المبيض. في هذه المرحلة يكون الورق (دقيق الخشب المبيّض والملوّن) على شكل عجين رطب بكثافة عالية، ويتم خفقه أو خلطه بشكل جيد لمدّة من الزمن حتى تتماسك جزيئات ألياف الخشب وتتداخل مع بعضها البعض، وهي بهذه الطريقة تُطحن أكثر وتصبح أنعم وهذا يساعد في إنتاج ورق بسطح أنعم (فكما تعرف هناك درجات مختلفة من خشونة الورق). يضاف بعض الماء ليساعد على امتزاج الجزيئات بشكل أفضل، وفي هذه المرحلة يصبح العجين الأبيض الكثيف شبيهاً بالطين الرخو، بكثافة أخف، وذلك ليسهل التعامل معه ويسهل سكبه وتشكيله. يتم سكب طبقة رقيقة من المزيج على ألواح مستوية ويترك ليجف، فيتبخر الماء وتبقى الألياف البيضاء وهي ألياف الورق، ويتم كذلك كبس الورق، حيث يتم الضغط عليه بوزن ثقيل حتى يساعد على جفافه وعلى تشكله مستوياً وناعم السطح. وعندما تجف تماماّ هذه الطبقة يُزال الوزن الذي فوقها ويتم لفها على شكل رولات كبيرة، والتي يتم تقسيمها فيما بعد بأحجام مختلفة لعمل الدفاتر، والكتب، وورق الطباعة، وغيره.

أترك تعليقا

أحدث أقدم