السلوك التنظيمى


السلوك التنظيمى 
أ.د. عبدالله بن عبدالغنى  الطجم 
د. طلق بن عوض الله السواط 

نحن نحتاج إلى تفسير لسلوك الناس الذين نعمل معهم، وقد يطول البحث وتطول المعاناة التي نلاقيها في محاولة فهم الآخرين بل في فهم أنفسنا، فنحن في حاجة إلى معرفة الأسباب المؤدية للسلوك، بل وأيضًا السبب في الاستمرار في هذا السلوك أو التحول عنه، وإذا انتقلنا إلى مجال الأعمال والمنظمات التي نعمل فيها، تزداد حاجة الرؤساء والزملاء والمرؤوسين إلى فهم بعضهم البعض وذلك لأن هذا الفهم يؤثر بدرجة كبيرة على نواتج العمل الاقتصادية

إن علم السلوك التنظيمي يحاول أن يقدم إطارًا لكيفية تفسير وتحليل السلوك الإنساني، وذلك بغرض التنبؤ به مستقبلًا والسيطرة عليه أو التحكم فيه، ويقصد بالسلوك الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجة لاحتكاكه بغيره من الأفراد أو نتيجة لاتصاله بالبيئة الخارجية  من حوله، ويتضمن السلوك بهذا المعنى كل ما يصدر عن الفرد من عمل حركي أو تفكير أو سلوك لغوي أو مشاعر أو انفعالات أو إدراك.

و يعرف السلوك التنظيمي بانه الاستجابات التي تصدر عن الفرد نتيجه لاحتكاكه بغيره من الافراد أو نتيجه لاتصاله بالبيئه الخارجيه من حوله ويتضمن بهذا المعنى كل مايصدرعن الفرد من عمل حركي، تفكير،سلوك لغوي، مشاعر، أدراك ، أنفعالات .

كما يقصد بالمنظمات تلك المؤسسات التي ننتمي إليها، وتهدف إلى تقديم نفع وقيمة جديدة، كالمصانع والبنوك والشركات والمصالح الحكومية والمدارس والنوادي والمستشفيات وغيرها.

فالسلوك التنظيمي تفاعل علمي النفس والاجتماع مع علوم أخرى أهمهما علم الإدارة والاقتصاد والسياسة، وذلك لكي يخرج مجال علمي جديد هو المجال العلمي الخاص بالسلوك التنظيمي، والذي يهتم بسلوك الناس داخل المنظمات.

ويعنى السلوك التنظيمي أساسًا بدراسة سلوك الناس في محيط تنظيمي، وهذا يتطلب فهم هذا السلوك والتنبؤ به والسيطرة عليه وعلى العوامل المؤثرة في أداء الناس كأعضاء في المنظمة

وعرف كلا من Greenberg &Baron السلوك التنظيمي بأنه (مجال يهتم بمعرفة كل جوانب السلوك الإنساني في المنظمات، وذلك من خلال الدراسة النظامية للفرد، والجماعة، والعمليات التنظيمية، وأن الهدف الأساسي لهذه المعرفة هو زيادة الفعالية التنظيمية وزيادة رفاهية الفرد.

وبالرغم من أن السلوك التنظيمي هو مجال نامي للمعرفة وبه كثير من المبادئ العلمية الهامة، والتي تساعد في فهم سلوك الناس داخل منظمات العمل وفي بلاده، إلا أنه ليس علما بالمعنى المعترف به، فهو ليس مستقلًا، وليس له مجال معرفي محدد خاص به، كما أنه لا يخرج أناسًا ذوي مستقبل وظيفي متميز في هذا المجال، فعلم السلوك التنظيمي هو محصلة علوم أخرى، وأهم هذه العلوم المستقرة هي علم النفس، وعلم الاجتماع، ويقدم علم النفس محاولة لتفسير السلوك الفردي، وأهم مجالاته: هي التعلم، والإدراك والحكم على الآخرين، والشخصية، والدافعية، والقدرات، والاتجاهات النفسية وغيرها، أما علم الاجتماع فيقصد به ذلك العلم الذي يدرس التفاعلات الإنسانية أو ذلك العلم الذي يدرس الجماعات، واهم الموضوعات التي يتناولها علم الاجتماع هي: تكوين الجماعة، والتماسك والصراع داخل الجماعات والقوة والنفوذ، والقيادة داخل الجماعات، والإتصالات.

ويتطلب نجاح المنظمات في تحقيق أهدافها توافر عدد من المتغيرات التنظيمية بشكل سليم من أهمها المناخ التنظيمي، إذ يعكس المناخ التنظيمي في المنظمة شخصيتها. كما يتصورها العاملون فيها ويعتبر أيضا من محددات السلوك التنظيمي فهو يؤثر في رضا العاملين وفي مستوى أدائهم

والمناخ التنظيمى هو وصف لخصائص وميزات بيئة العمل الداخلية بكل أبعادها وعناصرها والتي تتمتع بقدر من الثبات النسبي وتميز المنظمة بعينها، حيث يدركها العاملون ويفهمونها وتنعكس على اتجاهاتهم وقيمهم وتدفع العاملين إلى تبني أنماط سلوكية معينة


أهمية السلوك التنظيمي:

يمكن تلخيص أهمية السلوك التنظيمي في بعض النقاط وهي:

1- أهمية الموارد البشرية للمنظمة استلزم ضرورة الاهتمام بدراسة وفهم سلوك الأفراد بما لها من تأثير على فعالية المنظمة.

2- تغيير النظرة إلى الموارد البشرية، جذب الإنتباه إلى ضرورة الإهتمام بتنمية وتطوير هذا المورد، ويمكن تحقيق هذا بالإستثمار فيه لزيادة كفاءته وتحسين مهاراته، ومن ثم فإن الفهم الصحيح لسلوك الأفراد يمكن المنظمة من التعامل مع الأفراد بطريقة صحيحة، وإتخاذ الإجراءات السلوكية التصحيحية كلما تطلب الأمر.

3- تعقد الطبيعة البشرية ووجود الإختلافات الفردية التي تميز هذا السلوك مما تطلب من المنظمة، فهم وتحليل هذه الإختلافات للوصول إلى طرق تعامل متمايزة تتناسب مع هذه الإختلافات، وهذا زيادة لتأثير والتحكم في هذا السلوك.

فيولد معظم الأفراد ويتعلمون في منظمات، ويكتسبون ثرواتهم المادية من المنظمات، وأيضًا ينهون حياتهم كأعضاء في منظمات، فكثير من أنشطة حياتنا تنظم من خلال منظمات ، سواء كانت حكومية أو غير حكومية، كما أن كثير من الأفراد يمضون أمتع أيام حياتهم يعملون في منظمات، ولأن المنظمات تؤثر تأثيرًا قويًا على حياتنا فإنه من الضروري التعرف على هذه المنظمات، وعلى كيفية عملها، ولماذا تقوم بتقديم أنشطتها.

وبذلك يتضح لنا مدى أهمية السلوك التنظيمي فهو يركز على فهم وتوجيه سلوكيات وتفاعلات العنصر البشري، والذي يعتبر أهم عناصر الإنتاج في المنظمة، ونجاح المنظمة مرهون بنجاح تفعيل العنصر البشري وتحسين أدائه ، وبجانب هذه الأهمية يجب أن نعترف بصعوبة إدارة السلوك الإنساني.

أهداف السلوك التنظيمي:

يهتم السلوك التنظيمي بتنمية مهارات الأفراد، ويهدف السلوك التنظيمي إلى تفسير، والتنبؤ، والسيطرة والتحكم في السلوك التنظيمي.

1- تفسير السلوك التنظيمي: عندما نسعى للإجابة على السؤال (لماذا) تصرف فرد ما أو جماعة من الأفراد بطريقة معينة، فنحن ندخل في مجال هدف التفسير للسلوك الإنساني، وقد يكون هذا الهدف هو أقل الأهداف الثلاثة أهمية من وجهة نظر الإدارة، لأنه يتم بعد حدوث الأمر أو الحدث، ولكن بالرغم من هذا، فإن فهم أي ظاهرة يبدأ بمحاولة التفسير، ثم إستخدام هذا الفهم لتحديد سبب التصرف، فمثلًا إذا قدم عدد من الأفراد ذوي القيمة العالية بالنسبة للمنظمة طلب إستقالة جماعية، فإن الإدارة بالطبع تسعى لمعرفة السبب لتحدد ما إذا كان من الممكن تجنبه في المستقبل، فالأفراد قد يتركون العمل لأسباب عديدة، ولكن عندما يفسر معدل ترك العمل العالي كنتيجة لإنخفاض الأجر، أو الروتين في العمل، فإن المديرين غالبًا ما يستطيعون إتخاذ الإجراءات التصحيحية المناسبة في المستقبل.

2- التنبؤ بالسوك: يهدف التنبؤ إلى التركيز على الأحداث في المستقبل، فهو يسعى لتحديد النواتج المترتبة على تصرف معين، وإعتمادًا على المعلومات و المعرفة المتوافرة من السلوك التنظيمي، يمكن للمدير أن يتنبأ بإستخدامات سلوكية تجاه التغيير، ويمكن للمدير من خلال التنبؤ بإستجابات الأفراد، أن يتعرف على المداخل التي يكون فيها أقل درجة من مقاومة الأفراد للتغيير، ومن ثم يستطيع أن يتخذ المدير قراراته بطريقة صحيحة.

3- السيطرة والتحكم في السلوك: يعد هدف السيطرة والتحكم في السلوك التنظيمي من أهم وأصعب الأهداف، فعندما يفكر المدير كيف يمكنه أن يجعل فرد من الأفراد يبذل جهدًا أكبر في العمل، فإن هذا المدير يهتم بالسيطرة والتحكم في السلوك، ومن وجهة نظر المديرين فإن أعظم إسهام للسلوك التنظيمي، يتمثل في تحقيق هدف السيطرة والتحكم في السلوك والذي يؤدي إلى تحقيق هدف الكفاءة والفعالية في أداء المهام.

وبالرغم من أن السلوك التنظيمي ليس وظيفة تؤدى يوميًا مثلها مثل المحاسبة أو التسويق أو التمويل، إلا أنها تتغلغل في كل وظيفة تقريبًا على مستوى المنظمات، وعلى مستوى الأعمال، وعلى مستوى جميع التخصصات، فكل فرد يخطط لأن يشغل عملًا في أي منظمة، سواء كانت كبيرة أو صغيرة الحجم، عامة أو خاصة، لابد له أن يدرس ويفهم السلوك التنظيمي ليتعامل مع الآخرين.

أترك تعليقا

أحدث أقدم